حـوار بين الجمال
والعقل ..!
= =
قالت لصاحبتها وهي تحاورها :
أراكِ معجبةً بجمالكِ ،
مفتونةً بدلالكِ !
رفعت صاحبتها أنفها قليلاً ، ثم قالت :
من كان له مثل
جمالي ، فله حق الإعجاب بنفسه !!
ثم ابتسمت وقالت : لا أحسب أنكِ رأيتِ مثل هذا
الجمال !؟
قالت الأولى :
الحق ، لا ..! ولكني أسألك : أي فضلٍ لكِ أنت في
هذا الجمال ، وهذا الحسن الباهر ، وهذا الدلال الفاتن ..!
أعني .. أنه ليس لك يد
في صنعه ، أو شرائه ، أو تحصيله ، إنما هو هبة محضة من الله سبحانه لك ، ونعمة
جليلة منه إليكِ ، وهدية رائعة حباكِ بها دون غيرك ..! فهل جزاء الإحسان إلا
الإحسان ؟
هل جزاء الله المحسن إليك بكل هذا الجمال ، إلا أن تحسني أنت بدورك
معه ..؟
فبهتت الأخرى وظلت تحملق فاغرة الفم ، لا تدري ما تقول ، وواصلت صاحبتها
قائلة :
استحلفكِ بالله ، لو أنكِ أحسنتِ إلى صديقة لك ، إحساناً كبيراً ، بل
ألوانا من الإحسان ، ولم يكن رد فعلها معك ، إلا الاستخفاف بك ، وعدم الاكتراث لك ،
وربما السخرية منك !! فكيف ستكون ردة فعلك معها ؟!
قالت الأخرى بعد لحظة صمت
:
إن كنت قادرة على استرجاع ما أعطيتها ، فلن أتردد أن استرده ولو بالقوة !! ..
وإن لم يكن ، فلا أقل من الهجر ، وعدم مواصلتها بشيء جديد ، وسيكون طمعها في إحساني
، كعشم إبليس في الجنة !!
تنهدت الأولى وأطلقت تسبيحة طويلة ثم قالت :
لو
عاملك الله سبحانه بهذا المنطق نفسه ، لأخذ منك هذا الجمال كله ، ولعرّاكِ منه
جملةً وتفصيلا ، فظهرتِ للناس على عكس هذه الصورة البديعة ، وهو القادر على ذلك ،
فإن لم يفعل ذلك ، فهو قادر أيضا على أن يمنعك خيره المتجدد الذي لا غنى لك عنه
طرفة عين، ومع هذا فإنه لا يفعل هذا ولا ذاك !!
أتدرين لماذا ؟
ولم تنتظر إجابة من صاحبتها وواصلت كلامها فقالت :
لأنه يحبك ! نعم لأنه يحبك
..!
قاطعتها الأخرى في شيء من حدة وعصبية :
لحظة .. لحظة .. ماذا فعلت حتى
تقولين لي ذلك ؟؟
قالت الأولى :
بسبب استخفافك بتعاليمه ، وإدارة ظهرك له ،
وعدم اكتراثك بما يوصيك به ، وعدم شكرك نعمته عندك ، على الوجه الذي يحب ، وعدم
مبالاتك بوعده ووعيده ..
هل أمرك أن تخرجي على عيون الناس بهذه الملابس ، التي
تغري حتى الشيطان نفسه !؟
أما نهى رسول الله المرأة المسلمة أن تخرج متعطرة
متزينة ، فإذا فعلت ذلك تكون زانية ؟
وأنتِ لا أراكِ إلا تغتسلين بالعطر والبخور
، وتهيئين نفسك كأنك عروس كلما خرجت إلى عيون الرجال .!!
وكفى بهذا محاربة لله
ورسوله … فاحذري أن يعاملك الله ، بما كنتِ ستعاملين تلك الصديقة الجاحدة لإحسانك
..!!
وتذكري أنك غداً أو بعده ستموتين ولابد ، فهل تحبين أن تلقينه وهو ساخط
عليك ؟!
اكتفت الأخرى بالصمت ، حيث يبدو أنها لم تتوقع أن أحداً يمكن أن يحدثها
بمثل هذا المنطق ..!
أما صاحبتها فأخذت تتمتم بالدعاء لها ، ثم انصرفت عنها ،
لتترك المجال لكلماتها ، كي تكمل عملها في نفس وقلب وعقل صاحبتها !!