مقتطفات من الظلال
قال تعالى في سورة الأنفال: وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين (7).قال سيد قطب رحمه الله تعالى: لقد أراد الله تعالى .. وله الفضل والمنة.. أن تكون ملحمة لا غنيمة، وأن تكون موقعة بين الحق والباطل، ليحق الحق ويثبته، ويبطل الباطل ويزهقه، فأين ما أرادته العصبة المسلمة لنفسها مما أراده الله لها؟
لقد كانت تمضي لو كانت لهم غير ذات الشركة قصة غنيمة قصة قوم أغاروا على قافلة فغنموها! فأما بدر فقد مضت في التاريخ كله قصة عقيدة قصة نصر حاسم وفرقان بين الحق والباطل قصة انتصار الحق على أعدائه المدججين بالسلاح المزودين بكل زاد، والحق في قلة من العدد، وضعف في الزاد والراحلة، قصة انتصار القلوب حين تتصل بالله، وحين تتخلص من ضعفها الذاتي، بل قصة انتصار حفنة من القلوب من بينها الكارهون للقتال! ولكنها ببقيتها الثابتة المستعلية على الواقع المادي، وببقيتها في حقيقة القوى وصحة موازينها، قد انتصرت على نفسها، وانتصرت على من فيها، وخاضت المعركة والكفة راجحة رجحاناً ظاهراً في جانب الباطل، فقلبت بقينها ميزان الظاهر، فإذا الحق راجح غالب.