طهحسين عميد الأدب العربي، هو أديب، ومفكر مصري تمكن من النبوغ والتفوق فيإثبات ذاته على الرغم من الصعوبات الكثيرة التي واجهها في حياته، والتييأتي في مقدمتها فقدانه لبصره، وهو ما يزال طفلاً صغيراً ولكنه أثبتبمنتهى الصمود، والقوة أن الإنسان لا يجب أن يوقفه عجزه أمام طموحه، بلعلى العكس من الممكن أن يكون هذا العجز هو عامل دفع وقوة، وليس عاملإحباط، وهو الأمر الذي حدث مع هذا الأديب العظيم الذي على الرغم من رحيلهعن هذه الدنيا إلا أن الأجيال الحديثة مازالت تتذكره ومازالت كتبه واقفةلتشهد على عظمة هذا الأديب العظيم الذي تحل ذكرى وفاته في 28 أكتوبر1973م.
محيط - مي كمال الدين
كانلطه حسين أفكار جديدة متميزة فطالما دعا إلى وجوب النهضة الفكرية،والأدبية وضرورة التجديد، والتحرير، والتغيير، والاطلاع على ثقافات جديدةمما أدخله في معارضات شديدة مع محبي الأفكار التقليدية، وكانت من أفكارهأيضاً دعوته للحفاظ على الثقافة الإسلامية العربية مع الاعتماد علىالوسائل الغربية في التفكير.
النشأة والبداية
ولدطه حسين في 14 نوفمبر عام 1889م في إحدى القرى بالقرب من مغاغة بمحافظةالمنيا جنوب مصر، ولد طه لعائلة متواضعة الحال حيث كان والده يعمل موظفاًولديه عدد كبير من الأبناء كان طه أوسطهم، عانى وهو مازال صغيراً من مرضالرمد في عينيه، ونظراً لسوء العلاج الذي تلقاه حينها فقد بصره، وهو فيمرحلة الطفولة، وعلى الرغم من هذا لم تنل هذه الإعاقة من عزيمته شيئاً،حيث بدأ في تلقي تعليمه من خلال كتاب القرية فتعلم القراءة، والكتابة،وحفظ القرآن الكريم.
التعليم
أتجهطه حسين بعد ذلك نحو القاهرة عام 1902 وذلك لكي يبدأ رحلته العلمية فالتحقبالأزهر وذلك لكي يتفتح ذهنه على المزيد من العلوم، ولكن قابلته مشكلةهامة، وهي أن أساتذته كانوا يدرسون العلم بشكله التقليدي غير مطلعين علىالحديث منه، بالإضافة لعدم إلمامهم بالثقافات الأخرى مما جعل التعليم يأخذشكل جامد غير متجدد، ولم يرض طه حسين أن يكون تعليمه بهذا الشكل فاصطدمكثيراً بشيوخه حيث كان يعارضهم، ويجادلهم في تفسير بعض أمور النحو واللغة،والأدب مما أدخله في مشاكل دائمة معهم.
قرر طه بعد ذلك الانتقال لجامعة عادية، وليست جامعة دينية فقام بالالتحاقبالجامعة المصرية في عام 1908 فتلقى الدروس في الحضارة الإسلامية،والحضارة المصرية القديمة بالإضافة لدراسته للجغرافيا، والتاريخ، واللغاتالسامية والأدب، والفلسفة، وخلال هذه الفترة قام بتحضير رسالة الدكتوراه،والتي ناقشها في الخامس عشر من مايو 1914م، فتخرج من الجامعة حائزاً علىدرجة الدكتوراه في الأدب العربي وكان موضوع رسالته عن أبي العلاء المعري،وهو أحد شعراء العرب البارزين، والذي فقد بصره صغيراً أيضاً مثل طه حسين.
الانتقال لفرنسا
طه حسين وزوجته
لميكتفِ طه حسين بهذا القدر من التعليم على الرغم من حصوله على درجةالدكتوراه، ولكن دائماً كانت لديه رغبة لتلقي المزيد من العلم، فقرر أنيسعى من أجل السفر إلى فرنسا، وبالفعل تمكن من الحصول على بعثة لفرنسافبدأ بعد ذلك مرحلة جديدة في حياته فالتحق بجامعة مونبليه في عام 1914محيث تخصص في الأدب، والدراسات الكلاسيكية وتخرج منها بتفوق كالعادة، وكانالوحيد من ضمن طلبة البعثة الذي تمكن من تحقيق النجاح.
انتقل بعد ذلك للعاصمة الفرنسية باريس للدراسة بجامعة السوربون، وذلك فيالفترة ما بين " 1915 – 1919" والذي حقق فيها النجاح أيضاً فتخرج منهاحاصلاً على درجة الليسانس، كما حصل على شهادة الدكتوراه عن رسالة أعدهاباللغة الفرنسية موضوعها "دراسة تحليلية نقدية لفلسفة ابن خلدونالاجتماعية".
وفي فرنسا التقى طه حسين مع شخصية رائعة أعانته كثيراً في هذه الفترة فيحياته، وكانت هذه الشخصية هي السيدة سوزان التي تزوجها في عام 1917 وكانلهذه السيدة عظيم الأثر في حياته فقامت له بدور القارئ فقرأت عليه الكثيرمن المراجع، وأمدته بالكتب التي تم كتابتها بطريقة بريل حتى تساعده علىالقراءة بنفسه، كما كانت الزوجة والصديق الذي دفعه للتقدم دائماً وقدأحبها طه حسين حباً جماً، ومما قاله فيها أنه "منذ أن سمع صوتها لم يعرفقلبه الألم"، وكان لطه حسين اثنان من الأبناء هما أمينة ومؤنس.
المهام العملية
شغلالدكتور طه حسين العديد من المناصب، والمهام، نذكر منها عمله كأستاذللتاريخ اليوناني، والروماني، وذلك في عام 1919م بالجامعة المصرية بعدعودته من فرنسا، ثم أستاذاً لتاريخ الأدب العربي بكلية الآداب وتدرج فيهافي عدد من المناصب، ولقد تم فصله من الجامعة بعد الانتقادات، والهجومالعنيف الذي تعرض له بعد نشر كتابه "الشعر الجاهلي" عام 1926م، ولكن قامتالجامعة الأمريكية بالقاهرة بالتعاقد معه للتدريس فيها، وفي عام 1942 أصبحمستشاراً لوزير المعارف ثم مديراً لجامعة الإسكندرية حتى أحيل للتقاعد في16 أكتوبر 1944م، وفي عام 1950 أصبح وزيراً للمعارف، وقاد دعوة من أجلمجانية التعليم وأحقية كل فرد أن يحصل على العلم دون حصره على الأغنياءفقط، " وأن العلم كالماء، والهواء حق لكل إنسان"، وهو ما قد كان بالفعلفلقد تحققت مجانية التعليم بالفعل على يديه وأصبح يستفاد منها أبناء الشعبالمصري جميعاً، كما قام بتحويل العديد من الكتاتيب إلى مدارس ابتدائية،وكان له الفضل في تأسيس عدد من الجامعات المصرية، وتحويل عدد من المدارسالعليا إلى كليات جامعية مثل المدرسة العليا للطب، والزراعة، وغيرهم.
وشغل طه حسين منصب رئيس تحرير لعدد من الصحف، وقام بكتابة العديد منالمقالات، هذا بالإضافة لعضويته في العديد من المجامع العلمية سواء داخلمصر أو خارجها.
منقول للفائدة