اساطير
أساطيرُ من حشجرجات الزمان
نسيجُ اليد البالية ،
رواها ظلام من الهاوية
و غنى بها ميّتان .
أساطير كالبيد ، ماجَ السراب
عليها و شقّتْ بقايا شِهاب ،
و أبصرتُ فيها بريق النُّضّار
يلاقيَ سدىً من ظلال الرغيف ،
و أبصرتُني ؛ و الستار الكثيف
يواريك عني فضاع انتظار
و خابت منىً ؛ و انتهى عاشقان .
***
أساطير مثل المُدى القاسيات
تلاوينها من دم البائسين ،
فكم أومضت في عيون الطغاة
بما حُمِّلتْ من غبار السنين
يقولون : وحيُ السماء ،
فلو يَسمعُ الأنبياء
لما قهقهتْ ظلمة الهاوية
بأسطورة بالية
تجرُّ القرون
بمركبة من لظى ، في جنون
لظى كالجنون !
***
و هذا الغرامُ اللجوج
أيرتدُّ من لمسةٍ باردة ..
على إصبع من خيال الثلوج ،
و أسطورة بائدة ؟
و عرّافةٍ أطلقت في الرمال
بقايا سؤال
و عينين تستطلعان الغُيوب
و تستشرقان الدروب ،
فكان ابتهالٌ .. و كانت صلاة
تُعفر وجهَ الآله
و تحثو عليه انطباق الشفاه
***
تعالي فما زال نجم المساء
يذيب السنا في النهار الغريق
و يغشى سكونَ الطريق
بلونين من ومضة و انطفاء
و همسُ الهواء الثقيل
بدفء الشذى و اكتئاب الغروب ،
يذكرني بالرحيل :
شراع خلال التحايا يذوب
و كفُّ تلوِّح . يا للعذاب !
***
تعالي فما زال لون السحاب
حزيناً .. يذكرني بالرحيل
رحيل ؟!
تعالي ، تعالي .. نذيب الزمان .
و ساعاته ؛ في عناق طويل ،
و نصبغ بالأرجوان
شراعاً وراء المدى ،
و ننسى الغدا
على صدرك الدافئ العاطر
كتهويمة الشاعر .
تعالي ؛ فملء الفضاء
صدى هامس باللقاء
يوسوس دون انتهاء .
***
لى مقلتيك انتظار بعيد
و شيء يريد :
ظلال
يغمغم في جانبيها سؤال ،
و شوق حزين
يريد اعتصار السراب
و تمزيق أسطورة الأولين
جناحان خلف الحجاب .
شراع ..
و غمغمة بالوداع !!!
بدر شاكر السياب..