صبرا على هجرنا إن كان يرضيها
فالوصل أجمله ما كان بعد نوى غير المليحة مملول تجنّيها
أسلمت للسّهد طرفي و الضّنى بدني و الشمس بعد الدّجى أشهى لرائيها
إنّ النساء إذا أمرضن نفس فتى إنّ الصبابة لا يرجى تلاقيها
فاحذر من الحبّ إنّ الريح خفيت فليس غير تدانيهنّ يشفيها
يمضي الصفاء و يبقى بعده أثر لولا غرام عظيم مختف فيهعا
مرّت ليال بنا كان أجملها في النفس يؤلمها طورا و يشجيها
تلك اللّيالي أرجو تذكّرها تمّت فما شانها إلاّ تلاشيها
أصبو إليها و أصبو كلّما ذكرن خوف العناء و لا أخشى تناسيها
أرض سماء سواها دونها شرفا عندي اشتياقا إلى مصر و أهليها
رقّت حواشيها و اخضرّ جانبها فلا سماء و لا أرض تحاكيها
كأنّ أهرامها الأطواد باذخة و أجمل الأرض ما رقت حواشيها
و نيلها العذب ما أحلى مناظره هذي إلى جنبها الأخرى تساميها
كأنّها كعبة حجّ الأنام لها و الشّمس تكسوه تبرا في تواريها
و ما أحيلى الجواري الماخرات به لولا التقى قلت فيها جلّ بانيها
من كلّ الوجه يغرينا تبسّمها تقلّ من أإرضه أحلى جواريها
و ناهد حجبت عن كلّ ذي بصر إن نجتديها ، و يثنينا تثنيها
فقي كلّ جارحة منّي لها أثر حشاشتي خدرها و القلب ناديها
و في الكواكب جزء من محاسنها " و الدار صاحبها أدرى بما فيها "
يمّميتها و نجوم الأفق تلحظني و في الجآذر جزء من معانيها
كادت تساقط غيظا عندما علمت في السير شذرا كأنّي من أعاديها
أسرى إليها و جنح اللّيل مضطرب أنّي أؤم التي بالنفس أفديها
و الشوق يدفعني و الخوف يدفعني كأنّه مشفق أن لا ألاقيها
أطوي الدّياجي و تطويني على جزع هذا إليها و هذا عن مغانيها
فما بلغت مغاني من شغف بها تخشى افتضاحي و أخشى الصّبح يطويهعا
هناك ألقيت رحلي و انتحيت إلى إلاّ وقد بلغت نفسي تراقيها
بيض ترائبها سود ذوابيها خود يرى الدّمية الحسناء رائيها
نهودها من ثنايا الثوب بارزة زجّ حواجبها كحل مآقيها
و الثوب قد ضاق عن إخفائها فنبا كأنّها تشتكي ممّا بولريها
و تحت ذلك خصر يستقلّ به عنها فيا ليتني برد لأحميها
قامت تصافحني و الرّدف يمنعها دعص ترجرج حتّى كاد يلفيها
دهشت حتّى كأنّي قطّ لم أرها و الوجد يدفعها و القدّ يثنيها
باتت تكلّمني منها لواحظها و كدت و الله أنسى أن أحيّيها
حتّى بدا الفجر و اعتلّت نسائمه بما تكنّ و أجفاني تناجيها
بكت دموعا و أبكتني الدموع دما و كاد ينشر أسراري و يفشيها
كأنّها شعرت في بعدنال أبدا ورحت أكتم أشياء و تبديها
فما تعزّت بأن الدّهر يجمعنا فأكثرت من وداعي عند واديها
تقول و الدمع مثل الطلّ منتثر يوما و لا فرحت أنّي أمنيها
و الهف نفسي على أنس بلا كدر على خدود خشيت الدّمع يدميها
فقلت صبرا على كيد الزمان لنا ترى تنال من الدنيا أمانيها ؟
فكلّ حافر بئر واقع فيها