القول الفصل في نكاح المتعة
بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:-
زواج
المتعة هو الزواج الذي يقصد به الطرفان الاستمتاع الجسدي بينهما فترة
محددة من الزمان، وهذا النوع من النكاح قد كان موجودا في الجاهلية.
فلما
جاء الإسلام تدرج في إلغائه كعادته في فطام النفس عن مألوفاتها كالخمر،
فجلعله الإسلام جائزا في نطاق ضيق يصل إلى حد الضرورة، وذلك أثناء سفر
الرجال في الغزوات الطويلة، وعدم صبرهم عن النساء فأباح لهم المتعة في هذا
الظرف الطاريء.
ثم أعلن الرسول صلى الله عليه وسلم الكلمة الأخيرة فيه فحرمه في كل الأحوال.
وظل
سيدنا عبدالله بن عباس يجيزه في حالات الضرورة فلما رأى أن الناس أساؤوا
تطبيق فتواه تابع بقية الصحابة على تحريمه في كل الأحوال، فغدا نكاح المتعة
حراما إلى الأبد.
وهذا ما أفتى به الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، وإليك نص فتواه :-
الزواج
في الإسلام عقد متين وميثاق غليظ، يقوم على نية العشرة المؤبدة من الطرفين
لتتحقق ثمرته النفسية التي ذكرها القرآن -من السكن النفسي والمودة
والرحمة- وغايته النوعية العمرانية من استمرار التناسل وامتداد بقاء النوع
الإنساني (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة)
سورة النحل:72.
أما زواج المتعة، وهو ارتباط الرجل بامرأة
لمدة يحددانها لقاء أجر معين، فلا يتحقق فيه المعنى الذي أشرنا إليه. وقد
أجازه الرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يستقر التشريع في الإسلام. أجازه
في السفر والغزوات، ثم نهى عنه وحرمه على التأبيد.
وكان السر
في إباحته أولا أن القوم كانوا في مرحلة يصح أن نسميها (فترة انتقال) من
الجاهلية إلى الإسلام؛ وكان الزنى في الجاهلية ميسرا منتشرا. فلما كان
الإسلام، واقتضاهم أن يسافروا للغزو والجهاد شق عليهم البعد عن نسائهم مشقة
شديدة، وكانوا بين أقوياء الإيمان وضعفاء؛ فأما الضعفاء، فخيف عليهم أن
يتورطوا في الزنى، أقبح به فاحشة وساء سبيلا.
وأما الأقوياء
فعزموا على أن يخصوا أنفسهم، أو يجبوا مذاكيرهم كما قال ابن مسعود: "كنا
نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس معنا نساء فقلنا: ألا نستخصي؟
فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ورخص لنا أن ننكح المرأة
بالثوب إلى أجل".
وبهذا كانت إباحة المتعة رخصة لحل مشكلة
الفريقين من الضعفاء والأقوياء، وخطوة في سير التشريع إلى الحياة الزوجية
الكاملة، التي تتحقق فيها كل أغراض الزواج من إحصان واستقرار وتناسل، ومودة
ورحمة، واتساع دائرة العشيرة بالمصاهرة.