شروط إتقـــــــان الاستخارة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل ((وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله )) ، والصلاة والسلام على نبيه القائل ((:(( إذا همّ _أراد_ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة...))، وعلى آله وصحبه أجمعين .أما بعد.
شروط إتقان الاستخارة
أولا : لماذا هذا العنوان ؟؟
ما من عبادة إلا ولها شروط وأركان ، مثل الصلاة والصيام والحج ، فشروط إتقان الاستخارة ، غير شروط الاستخارة ، وذلك من خلال شرطين سيأتي ذكرهما ، فليس كل مستخير مكثر ، ولا كل مكثر متقن .
ثانيا : تعريف الشرط و الإتقان لغة واصطلاحا
1) الشرط :
لغــــة ً: إلزام شيء والتزامه( ) ، وقيل : هو العلامة اللازمة( ) وجمعه شروط وشرائط ، والحقيقة أن هذا نزاع لفظي أكثر منه نزاعا جوهريا ، وليس هنا مجال البسط .
اصطلاحا : تعليق شيء بشيء بحيث إذا وجد الأول وجد الثاني ، ويكون خارجا عن ماهيته ويسبقه ، ويتوقف ثبوت الحكم عليه ،
مثال :
الأصل أن الوضوء شرط في الصلاة : أي أن الثاني ( الصلاة ) تعلق وثبت حكما بوجود الأول _ الوضوء .
ويكون خارجا عن ماهيته ويسبقه مثل : الوضوء عمل خارج عن الصلاة ، وهذا هو جوهر الفرق بين الشرط والركن ، فالركن يكون داخل ماهية الشيء مثل الركوع في الصلاة .
2) الإتقان :
لغة : أَتْقَن الشيءَ: أَحْكَمَهُ، وإتْقانُه إحْكَامُهُ. والإِتْقان : الإِحكام للأشياء .
اصطلاحا : معرفة الأدلة بعللها وضبط القواعد الكلية بجزئياتها ، وقيل معرفة الشيء بيقين ( )،
ثالثا : شروط إتقان الاستخارة
1) اعتقاد إيماني :
أن يعتقد المستخير اعتقادا جازما أن علام الغيوب سبحانه ، سيختار له خير الأمرين ، فبمقدار هذا الاعتقاد تكون الثمار وفي الحديث القدسي الصحيح :(( أنا عند ظن عبدي بي )) .
2) نية صادقة :
أن يكون المستخير صادقا في نيته في طلب الخيرة ، فبمقدار هذه النية تكون الثمار سلبا وإيجابا مع مراعاة الشروط الأخرى ، ولعل الله ييسر في درس لاحق أن أذكر قصة مؤلمة حصلت لرجل استخار،استخارة واحدة بنية التجربة ، فمكر الله به مكرا عظيما بعد أن وصل له القول والحجة ، ولازال إلى اليوم يذوق وبال أمره ، مع أن لها أكثر من خمسة عشر عاما .
3) العلم :
تقدم معنا في درس سابق أن العلم يسبق العمل ، فبالعلم ينال الهدى وتصحح النية ويرفع الله بها الدرجات .... فمن وصله العلم ، فقد وصلته الحجة ، ومن وصلته الحجة ولم يعمل بها ، فقد ظلم نفسه .
ومن استطاع أن يصل للعلم فقصر في طلبه ، فقد ظلم نفسه أيضا ،فالعذر بالجهل له شروطه ، فاجتهاد العامة السؤال ، وهذه من أعظم رحمات الرحمن الرحيم سبحانه ، ومن أعظم حكم الحكيم سبحانه ، على عباده ، بأنه لم يكلف كل مسلم بالاجتهاد في استنباط الأحكام التفصيلية من أدلتها الشرعية وفي هذا العصر ما أيسر ذلك - أي السؤال - ، ولله الحمد والمنة .
4) العمل بالعلم :
العمل بالعلم يثمر خبرة وإتقانا ، وفي الاستخارة كثيرا ما يقابل المستخير من أمور مهمة تتعلق بنوعية المستخير ونوعية المسألة المستخار فيها ، وقد تم الحديث عن ذلك في السلسلة الثالثة .
وأسـأل المولى أن أكون قد وفقت في التوضيح والتبسيط من غير اختصار مخل أو تطويل ممل .على أمل اللقاء في درس آخر بإذن الله .
ولمزيد من الفائدة لهذا الدرس ينظر السلسلة الثالثة والتاسعة من حيث الخصوص .
وخير الختام السلام من السلام ، فالسلام عليكم ورحمة الله .
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .